كاتب تركي (17/12/2020)
عادت «المسألة الشرقية» و»الإسلاموÙوبيا» لتشكّل الأجندة الرئيسية لدى الدول الغربية من جديد. لأن الغرب، كلما ضاق به الخناق، يلجأ إلى هذين المÙهومين ويتمسك بهما، وكان ÙŠØدّد الأجندة العالمية خلال القرن الماضي بالضجة والأخبار الملÙقة، التي ينتجها باستخدامÙهما. ويستهد٠الغربيون اليوم من جديد وبشكل جماعي البلدان الإسلامية، التي تØرص على انتهاج سياسات مستقلة. ÙˆÙÙŠ هذا الصدد، تعتبر العقوبات الأمريكية الأخيرة ضد تركيا من أعمال القراصنة وقطّاع الطرق. أصبØت «المسألة الشرقية الجديدة» هي السبب الرئيسي وراء العداء المتزايد ضد تركيا ÙÙŠ الغرب، خلال السنوات الأخيرة. كما أن «التÙركوÙوبيا» هي السبب الرئيسي وراء تأجيج «الإسلاموÙوبيا» من قبل بعض الدول الغربية بقيادة Ùرنسا. علينا ألا ننسى بأن المسألة الشرقية عبارة عن صراع بدأ ÙÙŠ النص٠الثاني من القرن الثامن عشر، من أجل تصÙية الدولة العثمانية وتقاسم أراضيها، وقد Ø£ÙلّÙت العديد من الكتب Øول هذا الموضوع ÙÙŠ الشرق والغرب. يعرّ٠العالم الغربي Ù†Ùسه عبر «الآخر» ودائمًا ما يشعر بـ»الرهاب» منه. علمًا أن هذا الوضع، المستمر منذ الإغريق والرومان، يشكّل شخصية/Ø±ÙˆØ Ø§Ù„ØºØ±Ø¨ ÙÙŠ يومنا هذا. ومن المثير للاهتمام أن أصل كلمة «الهمجية» يعود لكلمة «الأجنبي» ÙÙŠ اللغة الإغريقية. أمّا كلمة Ùوبيا (الرهاب) Ùيعود أصلها إلى كلمة «Ùوبوس» ÙÙŠ اللغة اللاتينية. ووÙقًا للأساطير الإغريقية، Ùإن Ùوبوس هو إله الرعب، الذي لا ÙŠÙارق إله الØرب آريس. ÙˆÙŠØ´Ø±Ø Ù‚Ø§Ù…ÙˆØ³ مؤسسة اللغة التركية كلمة «Ùوبيا» بأنها «الخو٠الشديد والÙزع، بدرجة غير عادية تجاه أشياء أو مواق٠معينة». كما ذكرنا آنÙًا، ظاهرة الزينوÙوبيا (رهاب الأجانب) لدى الغرب، أي الخو٠من المجهول، ليست وليدة اليوم، بل على العكس، تعود جذوره إلى العصور القديمة. مثلما كان خو٠الإغريق والرومان تجاه البØر الأبيض المتوسط، ​​وبلاد ما بين النهرين ÙÙŠ Ùترة ما قبل الإسلام، Ùإن الخو٠الذي تشعر به أوروبا الØالية يتشكل بالطريقة Ù†Ùسها، أي أن اعتبار الآخر غير المنتمي إليهم أجنبيًا/همجيًا، يعد ظاهرة قديمة. وما يجسد ذلك هو تسويق/شيطنة هذا الخو٠بأسماء مثل الإيÙماجولوجيا والإيÙتيمولوجيا. إن «الرÙهاب» المستشري ÙÙŠ القصص والأساطير والأÙلام والÙÙ† والنصوص الدينية المØرÙØ© لدى الغرب، نشأ بالكامل من هذا المزاج. بعد ظهور الإسلام، اتجه «رهاب» الغرب هذه المرة Ù†ØÙˆ العالم الإسلامي. وشكّلت الشعوب المغاربية «الرهاب» الأول للغرب، لأنهم كانوا أول من أوصل الإسلام إلى أوروبا القارية – البرتغال وإسبانيا (الأندلس) ومالطا (مدينة) وجزيرة صقلية – وشكّلت هذه الشعوب التي أطلق عليها اسم «ساراكينوس» Øيزًا كبيرًا ÙÙŠ رموز الرسامين الغربيين. الشيء الوØيد الذي لم يتغير ÙÙŠ لوØØ© «سانتياغو قاتل المغاربة» التي شهدت تغيرات كثيرة عبر القرون، هو رمز الشخصية المغربية. وبعد ÙØªØ Ø¥Ø³Ø·Ù†Ø¨ÙˆÙ„ØŒ وضع الغرب الأتراك ÙÙŠ قلب «رهابه» اعتبارًا من القرن الخامس عشر، وبذلك شكّل الأتراك هذه المرة Ù…Øور جميع الرسوم السلبية، Øيث تم تصويرهم على هيئة ÙˆØوش ÙŠØملون السيÙØŒ ولديهم Ù„ØÙ‰ ويرتدون العمامات، يأتون Ù„Øرق وتدمير الغرب، لتتØول رسوم «الأتراك» إلى Ø´Ø¨Ø Ù…Ø®ÙŠÙ Ø¨Ø§Ù„Ù†Ø³Ø¨Ø© إلى الأوروبيين، الذين بدأوا بالØديث عن الأتراك على أنهم ينØدرون من جذور سكان طروادة، بسبب خوÙهم القديم من هؤلاء ÙÙŠ السابق. Øتى إن بعض المؤرخين الغربيين، زعموا ÙÙŠ كتبهم أن اسم تÙرك (Turco) يعني مسبب الألم (a torquendo) أو التعذيب (a tortura) وأن الأتراك هم شعب يثير الشغب ويعذّب كل من يقع بين يديه. وآخرون مارسوا لعبة الديماغوجيا المألوÙØ© Øيال كلمة تÙرك، وقاموا باستخدام «truces» (جزار) بدلًا من «teucri» (التركي). استخدم الغربيون كلمات «ساراكينوس» و»المغربي» و»التركي» كمرادÙات للكلمات الإسلامية ÙÙŠ أغلب الأØيان، وبعد القرن السادس عشر انتشرت كلمة «التركي» ÙÙŠ الغرب لتØÙ„ Ù…ØÙ„ كلمة «المسلم» واستخدمت عبارات مثل «تØول إلى تركي» عند الØديث عن أولئك الذين يعتنقون الإسلام. ويمكن القول إن «رهاب الأتراك» الذي يسمى ÙÙŠ اللغة الإنكليزية «Turcophobia» ÙˆÙÙŠ اللغة الألمانية «Türken Furcht» بلغ ذروته ÙÙŠ العصر الجديد للغرب. بهذه الطريقة خضعت شعوب العالم الغربي قرونًا طويلة لتأثير الدعاية السوداء المكثÙØ© ضد الأتراك والعرب، والإسلام والمسلمين، والقرآن ورسول الله Ù…Øمد صلى الله عليه وسلم. ووصل الأمر إلى إطلاق لقب «Mahound» (كلبي) على سيدنا الرسول، وهو من نتائج هذا الرهاب الذي لا يزال موجودًا ÙÙŠ كتب ورسوم عدد كبير من الأدباء الغربيين، ويواصل دغدغة العقل الباطن للشعوب الغربية. لم ينته رهاب الأتراك/الإسلام Øتى ÙÙŠ Ùترات «النهضة» و»الإصلاØ» و»الإنسانية» التي ظهرت ÙÙŠ أوروبا، تØت تأثير العالم الإسلامي، أي عندما بدأت المشاعر الدينية تتلاشى. لم تكن ظاهرة «التÙركوÙوبيا» أو «الإسلاموÙوبيا» ÙÙŠ الغرب مشكلة ذات أهمية ثقاÙية ÙØسب، بل اكتسبت هويتها السياسية مكانة أكبر مع مرور الوقت. ويكمن التراكم التاريخي الذي ÙŠØتل العقل الباطن لدى الغرب وراء Øقده المستمر إلى اليوم، تجاه العالم الإسلامي عمومًا وتركيا بشكل خاص، رغم جميع التغيرات التي Øصلت. ينبغي ألا ننسى أن أوروبا الØديثة، التي ظهرت بعد العصور الوسطى ÙÙŠ الغرب، ولدت ÙÙŠ وقت بدأت Ùيه الØروب الصليبية. وهذه الØروب لا تزال تØاÙظ على مكانها ÙÙŠ ذاكرة أوروبا العجوز، رغم التغيرات التي شهدتها منذ الÙترات الأولى لولادتها. يخبرنا علم الاجتماع وعلم النÙس الØديث، أن التأثيرات العنيÙØ© التي تØدث ÙÙŠ Ùترة الطÙولة الأولى تستمر طوال الØياة، سواء كانت مكشوÙØ© أو مخÙية، وأن هذا الأمر يطال المجتمعات مثل الأÙراد. Ù†ØÙ† نعلم اليوم أن الآثار التي خلÙتها تلك الظواهر عميقة جدًا ÙÙŠ العالم الغربي. لدرجة أنه من الصعب جدًا على التجارب العقلية والجهود المبذولة Ù…Øوها Øتى ÙÙŠ المرØلة التالية من الØياة، التي تتشكل بالÙكر أكثر من العاطÙØ©ØŒ Øتى إن تمكنت من Ù…Øوها، Ùإنه من النادر جدًا أن تختÙÙŠ جميع الآثار. ÙÙŠ المØصلة، كل شيء ÙˆØ§Ø¶Ø Ù„Ù„Ø¹ÙŠØ§Ù† Øيال العقل الباطن المليء بـ»الإسلاموÙوبيا» و»التÙركوÙوبيا» لدى العالم الغربي، الذي سينظر إلى كل خطوة تخطوها البلدان الإسلامية من أجل التقدم والتطور على أنها خطوة متخذة ضده. وتجلّى ذلك بالÙعل خلال الÙترة الأخيرة ضد تركيا التي تشهد صعودًا ÙÙŠ جميع المجالات. ويجب قراءة العقوبات المÙروضة على الجانب التركي ÙÙŠ هذا السياق. لذلك بقي هناك شيء ÙˆØيد ينبغي القيام به، وهو تطهير العقل الباطن الغربي من هذا الدنس والقذارة، وإلا Ùإن الغرب والعالم الإسلامي سيتكبدان خسائر ÙادØØ© أمام الصين التي تتجه لأن ØªØµØ¨Ø Ù‚ÙˆØ© عظمى.